قررت لجنة الاستئنافات العليا إعادة مباراة الهلال والنيل وإحالة القرار للجنة المنظمة كجهة مختصة لتنفيذه فيما يلي نص قرار اللجنة:
لجنة الاستئنافات العليا
قرارات لجنة الاستئنافات العليا
قرار رقم 7 لسنة 2008م
أولاً: تقديم:
بدأت هذه القضية الرياضية كقضية عادية وبسيطة الوقائع، ولم يكن حسمها يحتاج لكبير عناء أو كثير من الوقت، لأن جوهر النزاع من الناحية القانونية ليس من النزاعات المثيرة للجدل، فتخلف اي فريق عن أي مباراة معلنة ليس بالأمر الغريب في النشاط الرياضي ولذلك فإن القواعد العامة واضحة النصوص في التعامل مع مثل هذه الحالة، حكماً ابتدائياً، وتدرجاً في الاستئناف حتى مرحلة الإقرار النهائي. ولكن تشأ الظروف والملابسات أن تخلق من هذه القضية وضعاً معقداً تصاعدت فيه الأحداث، وتباينت حوله الآراء، وتداخلت فيه الاختصاصات، وتصارعت حوله الأطراف حتى أضحى أزمة رياضية تصاعدت أحداثها وتعددت أطرافها حتى شملت وزارة الثقافة والشباب والرياضة وأجهزة الاتحاد العام وكل أندية الدرجة الممتازة، ثم وصلت ساحات القضاء الإداري، بالاضافة للزخم الإعلامي والجدل المثير الذي أمتد لشهور مما يهدد الموسم الرياضي الحالي بالانهيار – واتسعت رقعة التداعيات للقضية تأثيراً على نشاط السودان الخارجي في كرة القدم بالتدخل المباشر والسالب من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). ولعله من المؤسف أن الإعلام الرياضي قد لعب دوراً ضاراً وخطيراً، فكان كمن صب الزيت على النار، فقد أصبح الإعلام الرياضي جزءًا لا يتجزأ من الصراع، وأذكى نار الفتنة بين الأطراف، وساهم بدرجة كبيرة في استعداء الجمهور على المؤسسات الرياضية، وحرض الجمهور ليتعامل مع الأزمة بكل انفعالاته وتوتراته، مستغلاً في ذلك عواطف الجمهور الجياشة وارتباطه الوجداني بالأندية حتى شكل خطراً حقيقياً كان يمكن أن يقود للإخلال بالأمن أو الأذى للأفراد.
كل ما تقدم يضع لجنة الاستئنافات العليا، بتكوينها الجديد، المستقل تماماً عن جميع أجهزة الاتحاد الرياضي لكرة القدم من جمعية عمومية أو مجلس إدارة أو لجان فرعية، وبسلطتها المستقلة المستمدة من أحكام النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم السوداني والنظام الأساسي للفيفا وتوجيهاتها، كل ذلك يضع اللجنة أمام مسؤولية تاريخية وهي تبذل الجهد لترسي سوابق تجسد العدالة الرياضية، وهذا ما يتطلب عند النظر في هذه القضية الدراسة المتأنية لكل ما أحاط بالأزمة الرياضية الماثلة للتوصل لقرارات يقبلها العقل والوجدان السليم دون أي عواطف أو انفعالات.
ثانياً: الوقائع الثابتة:
1- بدأ النزاع بين اتحاد كرة القدم السوداني ونادي الهلال بخلاف حول لائحة منافسة الدوري الممتاز لموسم 2008 وقضية تسجيل وإشراك اللاعبين المجنسين مما أدى الى تنازع حول بطاقات اللاعبين المسجلين في كشف الهلال وقاد ذلك لعدم استلام نادي الهلال لبطاقات لاعبيه وقتها.
2- تزامن مع الخلاف حول البطاقات والتجنيس توقيت أول مباراة في الموسم التنافسي لفريقي الهلال والنيل الحصاحيصا والتي كان مقرر قيامها يوم 21 فبراير 2008 باستاد الحصاحيصا، تخلف فريق الهلال عن المباراة المعلنة في الزمان والمكان المحددين.
3- وقبل أن تبت اللجنة المنظمة في أمر المباراة، تصاعدت الأحداث بإعلان نادي الهلال انسحابه من المنافسة هذا العام لتتحول القضية من الفصل في مباراة واحدة تخلف عنها فريق لقضية أكبر بكثير نتجت عن اعلان انسحاب الهلال.
4- تلاحقت الأحداث لتتدخل وزارة الثقافة والشباب والرياضة كراعي لحل المشكلة في كلياتها، فأصدرت بتاريخ 25 فبراير 2008 القرار الوزاري رقم 8 لسنة 2008 الذي جاء من خمس فقرات:
(1) تسليم الاتحاد السوداني لكرة القدم بطاقات لاعبي نادي الهلال العاصمي خلال 12 ساعة من التوقيع على القرار.
(2) يعمل الاتحاد السوداني لكرة القدم على حل مشكلة لاعبي الهلال المجنسين خلال أقرب وقت ممكن.
(3) إعادة جدولة مباراة الهلال العاصمي ونيل الحصاحيصا نسبة للظروف القاهرة التي أحاطت بتسليم البطاقات مما أعاق سفر الهلال الى الحصاحيصا لأداء المباراة.
(4) على نادي الهلال رفع مظلمته للاتحاد السوداني لكرة القدم خلال 12 ساعة من التوقيع على القرار.
(5) إلزام نادي الهلال العاصمي بعدم إشراك اللاعبين موضوع الخلاف داريوكان وسولي شريف في أي مباراة لحين حل المشكلة.
وجاء في حيثيات القرار أنه قد بني بعد مشاورات بين الأطراف المختلفة شاركت فيها وزارة الثقافة والشباب والرياضة والمجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم.
5- قام اتحاد الكرة والهلال بتنفيذ البنود (1) و(2) و(4) و(5) من القرار أعلاه وأحال الاتحاد البند (3) للجنة المنظمة التابعة له، التي نظرت في أصل المباراة يوم 29 يوليو 2008 وأصدرت حكماً مغايراً لقرار السيد الوزير رقم 8 لسنة 2008 حيث قضى قرارها باعتبار فريق الهلال مهزوماً صفر/2 مع فرض عقوبة مالية عليه.
6- بعد أقل من 48 ساعة وبتاريخ 31 يوليو 2008 من قرار اللجنة المنظمة أصدر السيد الوزير القرار الوزاري رقم (44) الذي جاء من ثلاث فقرات:
1- حرمان رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم د. كمال حامد شداد من السفر خارج السودان لمدة عام من تاريخه.
2- حرمان الاتحاد السوداني لكرة القدم من الدعم المالي لمدة ثلاثة أشهر من تاريخه.
3- إلغاء منافسة الدوري الممتاز للعام الحالي 2008م.
7- تقدم الاتحاد للمحكمة الإدارية بطعن في قرار السيد الوزير، كما تقدم بطلب وقف تنفيذ للقرار، صرحت المحكمة الإدارية عريضة الطعن واتخذت قراراً بوقف تنفيذ القرار الوزاري الفقرة (3) لحين البت في الطعن.
8- مما زاد الوضع تعقيداً وصول خطاب من الفيفا للاتحاد السوداني بتاريخ 5 أغسطس 2008 يمهل الوزارة حتى يوم 10 أغسطس الجاري لإلغاء القرار الوزاري رقم (44) لتعارضه مع المادة (17) من النظام الأساسي للفيفا.
9- خاطب اتحاد الكرة الفيفا طالباً مد فترة الإنذار من 10 أغسطس الى 25 من أغسطس لإعطاء فرصة لحل المشكلة داخلياً وفي إطار البيت الواحد. ووافق الفيفا لمد الفترة الى 25 أغسطس ولكن بإضافة المطالبة بإلغاء القرار الوزاري رقم 8 لسنة 2008 أيضاً.
10- بتاريخ 8 أغسطس 2008 خاطب نادي الهلال كتابة اتحاد الكرة معلناً انسحابه من الدورة الثانية لمنافسة الدرجة الممتازة لهذا الموسم ما لم تعاد جدولة المباراة موضوع الأزمة إنفاذاً للقرار الوزاري رقم 8 لسنة 2008.
هذه الوقائع العشر شكلت عناصر الأزمة الكروية التي قد تقود الى فشل الموسم التنافسي الحالي بصفة خاصة، وخطر عقوبات من الفيفا تؤثر على مسيرة الكرة السودانية بصفة عامة. ولذلك كان لابد للجنة الاستئنافات العليا أن تنظر لهذه القضية بدراسة تحليلية دقيقة توضح فيها مواقع الخلل الناتج عن الاختلاف في وجهات النظر أو الاختلاف حول بعض المفاهيم ومحاولة الوصول بال زأزأزمة الرياضية لبر الأمان في إطار المؤسسية.
ثالثاً: الجوانب القانونية:
قضية (مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا) في مضمونها الفكري المجرد من الوقائع هي خلاف حول تنازع السلطات ومفهوم الاختصاص للقرار الفني في العمل الرياضي. اذ أن عقدة الأزمة انحصرت في الإجابة على سؤال واحد تتفرع عنه بقية الأسئلة، والسؤال العقدة هو (هل القرار الوزاري رقم (7) الفقرة الثالثة (إعادة مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا) ملزمة وواجبة النفاذ بواسطة الاتحاد السوداني لكرة القدم قد ارتكب خطأ كبيراً يستوجب المساءلة لأن قرارات الوزير الإدارية في حدود اختصاصاته ملزمة لكل هيئات الشباب والرياضة وفق سلطته الدستورية، ورعايته وإشرافه المستمد من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003. أما اذا كانت الإجابة بالنفي فإن المستشار القانوني الذي صاغ القرار الوزاري قد أدخل الجميع في هذا النفق الضيق. وللإجابة عن هذا السؤال وبالرجوع للقوانين والسوابق نجد الآتي:
(1) المادة (3) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 تنص على: (القرار الفني: يقصد به القرار المتعلق بمسابقات الأنشطة الشبابية أو بمباريات ومنافسات الألعاب الرياضية ونتائجها وما يترتب عليهما من صعود وهبوط وانتساب، وتسجيل اللاعبين وتنقلاتهم وما يتعلق بالجوانب الفنية في التدريب والتحكيم).
وهذا التفسير واضح لا لبس فيه، وعليه يكون أي قرار يصدر حول برمجة أو قانونية أي مباراة في أي منافسة قراراً فنياً.
(2) المادة (12) (4) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 تنص على: (يكون الاتحاد الرياضي أعلى سلطة فنية لإدارة شئون اللعبة أو النشاط، وتكون قراراته في حدود اختصاصاته نافذة وملزمة لجميع الكيانات الوسيطة والأندية المنتسبة له واللجان التابعة له).
وهذه المادة تؤمن على سيادة الاتحاد العام في مجال القرارات الفنية من حيث نفاذها وإلزامها للأندية التابعة له. فاذا كان هذا النص واضحاً بالنسبة للكيانات الأدنى درجة منه فالسؤال الآن: هل القرار الفني الذي يصدره الاتحاد العام أو أي من أجهزته محصن ضد الكيانات أو الأجهزة الأعلى درجة منه بموجب قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 ؟
وللإجابة عن هذا السؤال نقرر أولاً إن الكيانات والأجهزة التي تمثل سلطة أعلى من الاتحاد العام والواردة في قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 هي: المحاكم القضائية – وزير الشباب والرياضة والثقافة – المفوضية الاتحادية لتسجيل هيئات الشباب والرياضة. ولنتناول كل واحدة من هذه السلطات من خلال النصوص القانونية:
(أ) بالنسبة لسلطة وزير الشباب والرياضة والثقافة فقد جاء في المادة 7(1) (أ) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 تحت عنوان اختصاصات الوزير ما يلي:
(الرعاية والإشراف العام على هيئات الشباب والرياضة باستثناء القرار الفني).
وغني عن القول إن هذا النص يجعل الوزير جهة غير مختصة بالرعاية والإشراف العام على القرار الفني ناهيك عن سلطة التدخل فيه. أما القول بأن القرار الوزاري يمكن ان يستند الى المادة 7(4) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 فمردود عليه لأن الحكم بسلطة التدخل العام لا يمكن أن يتخطى ما تم استثناؤه بالنص في المادة 7(1)(أ) من ذات المادة فالمبدأ القانوني الخاص يحكم العام.
(ب) فيما يختص بالمحاكم القضائية جاء في المادة (25) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003 تحت عنوان (حصانة القرارات) بالنص (القرارات الفنية التي تصدرها هيئات الشباب والرياضة نهائية وغير قابلة للطعن أمام المحاكم).
وقصد المشرع في هذه المادة يتماشى تماماً ومفهوم الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن استقلالية القرار الفني والنأي به عن ساحات المحاكم. ولعله من المهم هنا أن نذكر باعتزاز أن كل سوابق القضاء السوداني في نزاعات سابقة بين الهيئات الرياضية وأجهزة الوزارة قضت بعدم اختصاص المحاكم بالنظر في القرارات الفنية في بعض السوابق، أو عدم اختصاص الوزارة في سوابق أخرى.
3- واذا أخذنا في الاعتبار أن أي قرار مهما كان شكله يصدره الوزير كممثل للسلطة العامة خاضع لرقابة القضاء لدى محكمة الطعون الإدارية، فيكون تدخل الوزير في أي قرار فني يخضع القرار للفحص أمام المحاكم مما يجعل القانون يبدو وكأنه متناقض، وحتى يكون تفسير القانون سليماً ومتماسكاً لا ينبغي للوزير التدخل في القرار الفني وفقاً للاستثناء الوارد في المادة 7(1)(أ) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003.
4- مما سبق يتضح جلياً أن قرار إعادة جدولة مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا لا ينعقد للوزير اختصاص إصداره، وهذا يثير تساؤلاً جديداً وهاماً: اذا أخطأ مستشار الوزارة في صياغة قرار للوزير في مجال غير اختصاصه، فكيف يتصرف الاتحاد العام لكرة القدم وهو قانوناً جهة أدنى درجة من الوزير إدارياً ؟ وللإجابة عن هذا السؤال المفصلي نرجع لمجلة الأحكام القضائية السودانية 2001 المحكمة العليا في دائرة قضاة المحكة العليا: سعادة السيدة:فريدة ابراهيم حسين، وسعادة السيد ابراهيم حسن محمد وسعادة السيد تاج السر بابكر سعيد تحت الرقم م ع/ط أ س/8/2001 وكان أطراف النزاع آنذاك المجلس الأعلى للشباب والرياضة ضد عمر البكري أبوحراز وآخرين، فقد جاء في صفحة (140) من المجلة حول القرارات الصادرة عن جهة غير مختصة ما يلي:
(فصدور القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانوناً يعيبه بعيب جسيم ينحدر به الى حد العدم ومثل هذا القرار لا تلحقه الإجازة لأنه عدم لا يقوم).
مما يعني أن القرار الوزاري في المجال الفني كأنه لم يكن لعدم الاختصاص، وبالتالي فهو ليس واجب النفاذ بواسطة الاتحاد العام أو أجهزته. ولكن هناك من يقول إن الاتحاد العام لم يستخدم حقه القانوني بالتظلم للمحكمة الإدارية خلال ستين يوماً من تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 8 وبذلك أصبح القرار سارياً قانوناً. فإذا رجعنا لمجلة الأحكام القضائية السودانية 2001 وسابقة (المجلس الأعلى للشباب والرياضة ضد عمر البكري أبوحراز وآخرين) صفحة 139 ورد ما يلي: (مما ينحدر بذلك القرار الى مجرد الفعل المادي المعدوم الأثر قانوناً، فلا تلحقه حصانة، ولا يزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه، ولا يكون قابلاً للتنفيذ المباشر، بل لا يعدو أن يكون مجرد عقبة مادية في سبيل استعمال ذوي الشأن لمراكزهم القانونية المشروعة.
رابعاً: التعامل مع الأزمة:
1- مدخل لجنة الاستئنافات العليا لهذه الأزمة هو الإجابة عن السؤال: لماذا قبلت اللجنة النظر في هذه القضية وهي لم تستلم استئنافاً خلال المدة المحددة للاستئناف وبدون رسوم ؟ والإجابة هي أن اللجنة قد استجابت لمبادرة من السيد المستشار القانوني لوزارة الثقافة والشباب والرياضة بطلب فحص لقرار اللجنة المنظمة التابعة للاتحاد العام الذي جاء مخالفاً للفقرة (3) من القرار الوزاري رقم 8 لسنة 2008. نظرت اللجنة في طلب الفحص وقررت قبول الطلب لتتعامل مع القضية كأزمة رياضية التمسك بها بترجيح الشكل الإجرائي على جوهر الموضوع يضر بمسيرة كرة القدم بصفة عامة والموسم الحالي بصفة خاصة. ولما كانت نصوص النظام الأساسي والقواعد العامة لاتحاد كرة القدم السوداني ليس فيها ما يشير لطلبات فحص فاسترشاداً بالمبدأ القانوني (لا اجتهاد مع النص) فيجوز الاجتهاد في غياب النص.
فحددت أطراف النزاع بأربعة أطراف: وزارة الثقافة والشباب والرياضة، اتحاد كرة القدم، الهلال والنيل الحصاحيصا. بالإضافة لمباركة كل أندية الدرجة الممتازة ما عدا الهلال لقبول طلب الفحص.
2- خاطبت اللجنة الأطراف الأربعة لموافاتها بوقائع وحيثيات كل طرف من وجهة نظره حول القضية. استجاب لطلب اللجنة السيد مستشار الوزارة والاتحاد العام لكرة القدم ونادي النيل الحصاحيصا ولم يستجب نادي الهلال.
خامساً: رؤية اللجنة:
1- تود اللجنة ابتداءً الإشادة بمبادرة الوزارة بإرجاع الأمر للمؤسسات الرياضية لتمارس اختصاصها ولتؤكد قدرتها على حل المشاكل الرياضية مهما تشبعت أو تشابكت داخل الأسرة الرياضية الواحدة.
2- ترى اللجنة أن اتحاد كرة القدم قد اتخذ القرار الصحيح بإحالة أمر مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا للجنة المنظمة كجهة اختصاص، وتعيب عليه عدم مناهضته للفقرة (3) من القرار الوزاري رقم 8 لسنة 2008 منذ لحظة صدوره حتى لا يقود عدم اعتراضه عليه للاعتقاد بصحته أو قبوله تراضياً.
3- ترى اللجنة أن الاحتكام لسيادة القانون هو الأساس المتين لاستقرار واستمرار النشاط الرياضي، اذ أن الدخول في أي صراعات تؤدي لعدم الاستقرار أو توقف النشاط الرياضي يشكل ضرراً بليغاً بالعمل الرياضي، فبناء فرق تنافس خارجياً وتصعد لمنصات التتويج يحتاج لوقت طويل وجهد مضني لتحقيقه. كما ترى اللجنة إحالة الخلاف حول تسجيل وإشراك اللاعبين المجنسين للجمعية العمومية للاتحاد العام للكرة.
4- ترى اللجنة أن أسلوب الانسحاب من المنافسات أمر مرفوض مهما كانت الاعتبارات حيث يظل اتباع الطرق القانونية هو الخيار الوحيد المتاح لحسم الخلافات الرياضية.
5- لقد تم إعلان انتهاء الأزمة وعودة الموسم الرياضي لطبيعته بعد التشاور بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة والمجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم وبعد الاستماع لوجهتي نظر اتحاد كرة القدم والهلال تمخض عنه إصدار القرار الوزاري رقم 8 لسنة 2008. وكان واحداً من أهم أركان الاتفاق الملعن الفقرة (3) إعادة جدولة مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا. وكان من الممكن تنفيذ هذه الجزئية من الاتفاق (إعادة جدولة المباراة) كحل للأزمة بالتراضي لو توفر للتنفيذ عنصران:
(أ) أن تكون آلية تنفيذ إعادة جدولة المباراة جهة مختصة (اللجنة المنظمة) وليس قراراً وزارياً هو في حكم العدم.
(ب) أن يكون نادي النيل الحصاحيصا طرفاً أصيلاً في المشاورات وموافقاً على الحل بالتراضي. فغياب نادي النيل عن الاتفاق جعل اللجنة المنظمة تحتكم لتقريري مراقب وحكم المباراة دون اعتبار للاتفاق مطبقة حرفية القانون.
ولو توفر هذان العنصران للحل لما وجدت اللجنة المنظمة كبير عناء لاتخاذ قرار الإعادة.
وبعد الإطلاع على خطاب نادي الهلال بالرقم ن هـ/عمومي/35/2008 بتاريخ السبت 6 سبتمبر 2008 المعنون للسيد سكرتير الاتحاد العام لكرة القدم والمحول من سكرتير الاتحاد للجنة الاستئنافات العليا كجهة اختصاص للنظر في قضية مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا كما جاءت بالخطاب المشار اليه والذي ورد فيه (وبعيداً عن حساسيات القرار الفني أو غيره نؤكد على حقنا في إعادة جدولة مباراتنا أمام النيل الحصايصحا والتي حالت ظروف قاهرة ومعلومة دون سفرنا لأدائها..) وبعد تداول مستفيض حول الخطاب راعت فيه اللجنة ما جاء بمذكرة كتلة الممتاز بما فيها نادي النيل الحصاحيصا التي أكدت فيها حرصها على الخروج من الأزمة الكروية لصالح استمرار النشاط الرياضي كما راعت كل الظروف والملابسات وتداعيات الأزمة توصلت اللجنة الى القرار التالي:
(أ) إعادة جدولة مباراة الهلال والنيل الحصاحيصا في الدورة الأولى للموسم الحالي.
(ب) إحالة القرار للجنة المنظمة كجهة مختصة لتنفيذ القرار.
والله من وراء القصد..
محمد الشيخ مدني
رئيس لجنة الاستئنافات العليا
التاريخ: السبت 6 رمضان 14929هـ، الموافق 6 سبتمبر 2008م